سورة المؤمنون - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المؤمنون)


        


الصور: بوق ينفخ فيه. لا يستاءلون: لا يسأل بعضهم بعضا، كل واحد مشغول بنفسه. موازينه: بما فيها من حسنات أو سيئات. المفلحون: الفائزون. تلفح وجوههم النار: تحرقها. كالحون: مكشرّون عابسون. غلبت علينا شِقوتنا: سوء العاقبة، شقاؤنا من كثرة معاصينا. اخسئوا: كلمة زجر، اسكتوا سكوت ذل وهوان. حتى أنسوكم ذِكري: حتى أنسوكم عبادتي.
{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ}
اذا جاء موعد البعث دعوناهم إلى الخروج من قبورهم بالنفخ في الصور فيقومون مذهولين، لا تنفع أحداً منهم يومئذ قرابة ولا نسب، ولا يسأل بعضهم بعضا.... كل امرئ مشغولٌ بنفسه {لِكُلِّ امرئ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 37].
{فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فأولئك هُمُ المفلحون وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأولئك الذين خسروا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ}
وفي ذلك اليوم يكون العمل هو ميزان التقدير، فمن جاء بعملٍ صالح رجَح ميزانُه وفاز فوزاً عظيما، ومن لم يكن له عمل صالح ولا حسنات فقد خفّ ميزانه وخسِر كل شيء وذهب إلى نار جهنم خالداً فيها.
{تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النار وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ}
يومئذ تحرق النار وجوه الذين خسروا، وهم فيها معبِسون مكشّرون. نعوذُ بالله منهم، ومن سوء المصير.
{أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تتلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ}
هنا يعدلِ الحديثُُ عن اسلوب الحكاية إلى الخطاب والمواجهة: لقد كانت آياتي المنزلة تُقرأ عليكم في الدنيا، لكنّكم كنتم تكذّبون بما فيها. فيقولون مقرّين بخطئهم: {قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ}
إننا نعترف إليك يا ربنا بكثرة معاصينا التي أورثتنا الشقاءَ، وكنا بذلك ضالّين عن طرق الهدى.
ثم يطلبون من الله أن يخرجَهم من النار ليعملوا صالحاً: {رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} وذلك بعد أن انسدّ باب التوبة، وانقطع التكليف.
فيأتيهم الجوابُ القاطع.
{قَالَ اخسئوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ}
اخرسوا واسكتوا أذلاّء مهانين، ولا تكلّموني مطلقا.
{إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فاغفر لَنَا وارحمنا وَأَنتَ خَيْرُ الراحمين}.
كيف أرحمكم وأترك عباداً لي آمنوا برسلي والتزموا بما أمرتُهم وقدّموا الأعمالَ الصالحة وكانوا يطلبون الرحمة والغفران في جميع احوالم! ليس من العدالة في شيء ان تكونوا مثلهم في هذا اليومن فلم يكن جُرمكم أنكم لم تؤمنوا فحسب، بل إنكم تماديتم في السخرية منهم.
{فاتخذتموهم سِخْرِيّاً حتى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ}
لقد بلغ بكم السَفَهُ والوقاحة ان تسخَروا من الذين آمنوا وتضحكوا منهم حتى شَغَلَكُم ذلك عن ذكري وطاعتي.
ثم بيّن الله ما جازى به أولئك المستضعَفين فقال: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ اليوم بِمَا صبروا أَنَّهُمْ هُمُ الفآئزون}
لقد صبروا فكان جزاؤهم الجنةَ وفازوا بنعيمها خالدين فيها ابدا.
قراءات:
قرأ أهل الكوفة: {غلبت علينا شقاوتنا}. والباقون: {شقوتنا} بكسر الشين كما هو في المصحف.


اللبث: الاقامة. العادّين: الحفظة الحاسبين لأعمال البشر. فإنما حسابه عند ربه: جزاؤه.
{قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأرض عَدَدَ سِنِينَ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ العآدين}
الله تعالى يعلم كل شيء لكنه يسألهم هنا للتقريع: كما كانات إقامتكم في الدنيا؟ فيقولون لبثنا يوما أو بعض يومن فاسأل الحفَظَةَ العارفين لأعمال العباد.
{قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}
إنكم لم تقيموا في الدنيا الا رَمَقاً قليلا بالقياس إلى ما أنتم مقبلون عليه لو كنتم تحسنون التقدير.
ثم يعود فيعنّفهم على تكذيبهم بالآخرة فيقول: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ}
أظننتم أننا خلقناكم بغير حكمة، وظننتم انكم لا تُبعثون لمجازاتكم!؟
ثم تنتهي السورة بتقرير القاعدة الأولى للإيمان، وهي التوحيد، وإعلان الخسارة الكبرى للمشركين، في مقابل الفوز والفلاح للؤمنين كما افتتحت السورة بذلك. ثم بالتوج إلى الله في طلب الرحمة والغفران وهو أرحمُ الراحمين: {فَتَعَالَى الله الملك الحق لاَ إله إِلاَّ هُوَ رَبُّ العرش الكريم}
العظمةُ لله وحده، هو مالك الملك كله، لا معبودَ بحقٍّ سواه، وهو رب العرش الكريم.
وبعد أن ذكر انه الملِكُ الحق، أتبعه ببيان ان من ادّعى ان في الكون إلهاً سواه فقد ادعى باطلا لا دليل عليه فقال: {وَمَن يَدْعُ مَعَ الله إِلَهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكافرون}
افتُتحت السورة بفلاح المؤمنين، وختمت بخيبة الكافرين... ومن يعبد مع الله آلها آخر لا دليل على صحة الوهيته، يعاقبْه الله على شِركه، وان الكافرين لا يفلحون. وهنا يتناسق مطلع السورة مع ختامها، نسأل الله تعالى حسن الختام.
{وَقُل رَّبِّ اغفر وارحم وَأنتَ خَيْرُ الراحمين} >
وقل أيها النبي بالختام داعياً الله ضارعاً اليه: يا ربّ اغفر لي ذَنبي وارحمني وارحم عبادك. فأنت خير الراحمين.

1 | 2 | 3 | 4 | 5